
في خطوة وصفت بالمفصلية، أقدم البنك المركزي الصيني على خفض معدلات الفائدة الرئيسية، في محاولة عاجلة لإنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وسط مخاوف متزايدة من تباطؤ طويل الأمد يهدد النمو والاستقرار المالي.
خفض الفائدة… محاولة أخيرة قبل الانكماش؟
أعلن بنك الشعب الصيني (PBOC) صباح اليوم، الثلاثاء 20 مايو 2025، عن خفض سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام (LPR) بمقدار 10 نقاط أساس، من 3.10% إلى 3.00%، بالإضافة إلى خفض سعر الفائدة للقروض لمدة خمس سنوات من 3.60% إلى 3.50%.
ويأتي هذا القرار بعد أشهر من الضغوط الاقتصادية الداخلية والخارجية، ويُعد أول خفض للفائدة منذ أكتوبر 2024، ما يعكس قلق السلطات الصينية من استمرار ضعف النمو وتدهور الثقة في الأسواق.
الاقتصاد الصيني في مفترق طرق
تشير المعطيات الاقتصادية الأخيرة إلى أن الصين تواجه تحديات غير مسبوقة، أهمها:
- تراجع قطاع العقارات: أحد أعمدة الاقتصاد الصيني يعاني من أزمة سيولة وثقة المستثمرين، مع انهيار شركات كبرى مثل “إيفرغراند”.
- توترات تجارية متصاعدة: الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وصلت إلى مستويات جديدة، مما أضر بالصادرات وعرقل سلاسل التوريد.
- انكماش الاستهلاك المحلي: المستهلك الصيني بات أكثر حذرًا، مما أدى إلى تراجع الإنفاق وانخفاض مبيعات التجزئة.
رد فعل الأسواق: تفاؤل مشوب بالحذر
شهدت الأسواق الآسيوية حالة من الارتياح بعد إعلان الخفض، حيث ارتفع مؤشر “هانغ سنغ” في هونغ كونغ بنسبة 1.2%، كما ارتفع مؤشر “نيكاي” الياباني بأكثر من 200 نقطة، وسط تفاؤل المستثمرين بأن الخطوة قد تساهم في إنعاش الاقتصاد الصيني.
لكن في المقابل، يرى محللون أن هذا الخفض قد لا يكون كافيًا بمفرده، مطالبين بمزيد من التحفيزات المالية والنقدية، بالإضافة إلى إصلاحات هيكلية جذرية.
رسالة واضحة من بكين: نحن جادون في إنقاذ الاقتصاد
يرى مراقبون أن هذه الخطوة ترسل رسالة قوية مفادها أن الحكومة الصينية لن تقف مكتوفة الأيدي، وأنها مستعدة لاستخدام أدواتها المالية لكبح التباطؤ وتحفيز النمو، خصوصًا مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي.
هل تنجح الخطة؟
رغم الترحيب الحذر، فإن التحدي الأكبر يكمن في قدرة هذا الخفض على إعادة الثقة للمستثمرين والمستهلكين، وتحقيق التوازن بين النمو والاستقرار المالي. فهل يكون هذا الخفض بداية لانطلاقة جديدة للاقتصاد الصيني، أم مقدمة لمزيد من الإجراءات الاستثنائية؟