Credit: BRENDAN SMIALOWSKI/AFP via Getty Images
ترامب يصف بوتين بـ"المجنون" والكرملين يرد بغضب: هل تتجه العلاقات الأمريكية الروسية نحو الانفجار؟

في مشهد جديد يُنذر بتصعيد إضافي في العلاقات الروسية الأمريكية، وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”المجنون تمامًا”، مثيرًا جدلًا واسعًا وردود فعل رسمية غاضبة من الكرملين. جاءت تصريحات ترامب عقب أكبر هجوم جوي روسي على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، ما أطلق موجة من الانتقادات السياسية والدبلوماسية من مختلف العواصم الغربية.

كلمات ترامب النارية: بوتين “خرج عن السيطرة”

على منصته الخاصة “تروث سوشيال“، كتب ترامب منشورًا ناريًا وصف فيه الرئيس الروسي بأنه “أصيب بالجنون التام” بعد أن أطلقت موسكو 367 صاروخًا وطائرة مسيرة استهدفت عدة مدن أوكرانية، وأسفرت عن مقتل 13 شخصًا على الأقل. وأضاف ترامب:

“قتل الكثير من الناس بلا داعٍ… شيئًا ما حدث له، هذا ليس بوتين الذي كنت أعرفه سابقًا”.

ويُعد هذا التصريح الأكثر حدة من ترامب تجاه بوتين، رغم علاقتهما المتقلبة والمثيرة للجدل منذ فترة رئاسته.

الكرملين يرد: انفعالات عاطفية مفرطة

لم يتأخر الرد الروسي، حيث اعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف تصريحات ترامب “نابعة من انفعالات عاطفية زائدة”، مؤكدًا أن هذه التصريحات لا تعكس سياسة عقلانية في التعاطي مع الشأن الدولي.

وقال بيسكوف:

“في أوقات كهذه، يظهر لدى الجميع مستويات من الانفعالات الزائدة، ولكن لا يمكن بناء سياسة دولية مستقرة على هذا الأساس”.

تصعيد عسكري غير مسبوق: أعنف هجوم جوي منذ 2022

الهجوم الروسي الأخير يُعد الأكبر منذ بداية الغزو الشامل لأوكرانيا، حيث تم إطلاق أكثر من 700 طائرة بدون طيار وصاروخ في غضون 48 ساعة، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن هذه الضربات جاءت ردًا على هجمات أوكرانية استهدفت البنية التحتية الاجتماعية داخل روسيا.

من جانبها، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذه الهجمات بأنها “لا تخدم أي هدف عسكري”، معتبرًا إياها قرارًا سياسيًا من بوتين لتمديد أمد الحرب وتدمير الأرواح.

ميرتس: أوكرانيا تستطيع الرد داخل الأراضي الروسية

المستشار الألماني فريدريش ميرتس أكد أن بلاده رفعت جميع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الموردة لأوكرانيا، ما يعني أن كييف بات بإمكانها ضرب أهداف عسكرية داخل روسيا. وأوضح ميرتس أن صواريخ توروس، والتي يبلغ مداها نحو 500 كيلومتر، قد تكون جزءًا من الحزمة القادمة.

وقد أثار هذا التصريح قلق موسكو، التي وصفت تزويد أوكرانيا بتلك الصواريخ بـ”الخطوة الخطيرة”، مؤكدة أن ذلك قد يؤدي إلى توسيع رقعة الصراع.

ترامب: لا أحب طريقة زيلينسكي

لم يكتف ترامب بانتقاد بوتين فقط، بل وجه أيضًا سهام انتقاداته إلى الرئيس الأوكراني زيلينسكي، واصفًا خطابه بـ”الاستفزازي”، ومشيرًا إلى أن تصريحاته “لا تقدم أي خدمة لبلاده”.

وقال ترامب:

“كل شيء يخرج من فمه يسبب مشاكل، أنا لا أحب ذلك، ومن الأفضل أن يتوقف ذلك”.

مفاوضات السلام: حقيقة أم مناورة روسية؟

وفي خضم التصعيد، أعلنت روسيا استعدادها لبحث وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، وهي المبادرة التي وافقت عليها أوكرانيا مبدئيًا، لكن بوتين أصر على التفاوض فقط بشأن “مذكرة سلام مستقبلية”، مما دفع كييف وحلفاءها لوصف هذه الخطوة بأنها “مناورة للمماطلة”.

ومن اللافت أن ترامب وبوتين أجريا مكالمة هاتفية مطولة الأسبوع الماضي، دامت ساعتين، ناقشا خلالها شروط وقف إطلاق النار الأمريكي المقترح. وصرح ترامب لاحقًا بأن المكالمة “سارت بشكل جيد للغاية”، وأن الطرفين سيبدآن مفاوضات مباشرة قريبًا.

روسيا تمتد في أوكرانيا: 20% من الأراضي بيد موسكو

حتى الآن، تسيطر روسيا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي تم ضمها في 2014. ورغم العقوبات الغربية والدعم العسكري الغربي الكبير لأوكرانيا، لا تزال روسيا تحقق تقدمًا نسبيًا على الأرض، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري.

هل يُعيد ترامب العلاقات مع موسكو إذا فاز في 2024؟

تصريحات ترامب الأخيرة فتحت باب التكهنات حول موقفه الفعلي من روسيا في حال عاد إلى البيت الأبيض. فهل يسعى ترامب فعلًا إلى إبرام صفقة سلام؟ أم أنه يستخدم الخطاب الناري كورقة انتخابية لإثارة الجدل وكسب التأييد؟

المحللون يرون أن ترامب يوازن بين انتقاد بوتين من جهة، والظهور بمظهر القائد القادر على إنهاء الحرب من جهة أخرى، خاصة وأنه كرر مرارًا أن الحرب الأوكرانية “ما كانت لتحدث لو كنت رئيسًا”.

أوروبا تتحرك: عقوبات إضافية وتنسيق أمني

في المقابل، تستعد دول الاتحاد الأوروبي لإقرار حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، تشمل شركات الأسلحة والكيانات المصرفية المرتبطة بالكرملين. كما تم تأكيد التنسيق الأمني بين الدول الأوروبية في حال استهدفت روسيا بنى تحتية خارج أوكرانيا.

خاتمة: تصريحات ترامب… تحذير مبكر أم تمهيد لانفجار دولي؟

ما بين وصف بوتين بـ”المجنون” ومكالمة هاتفية لبحث السلام، تتأرجح تصريحات ترامب بين التصعيد والدبلوماسية. لكن المؤكد أن تصريحاته أحدثت صدى واسعًا داخل الكرملين ودوائر صنع القرار الدولية.

السؤال الأهم الآن: هل ستكون تصريحات ترامب شرارة لمرحلة جديدة من الحرب الباردة؟ أم أنها مقدمة لاتفاق سياسي تاريخي يُنهي أكبر صراع أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *