مجزرة رفح الجديدة: الاحتلال الإسرائيلي يقتل العشرات قرب مركز توزيع المساعدات في غزة
مجزرة رفح الجديدة: الاحتلال الإسرائيلي يقتل العشرات قرب مركز توزيع المساعدات في غزة

في مشهد صادم ومؤلم يتكرر في قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح يوم السبت 1 يونيو 2025، مجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية في منطقة رفح جنوب قطاع غزة. هذه الجريمة التي وقعت قرب مركز توزيع المساعدات، أثارت موجة غضب واستنكار دولي، ووضعت الاحتلال مجدداً تحت المجهر بسبب استهدافه المتكرر للمدنيين والأبرياء.

تفاصيل مجزرة رفح الجديدة

بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، فإن حصيلة المجزرة بلغت حتى اللحظة 31 شهيداً و176 جريحاً، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن الذين تجمعوا منذ ساعات الفجر في انتظار حصصهم من المواد الغذائية. وقد جرى استهدافهم بطائرات مسيّرة إسرائيلية، أطلقت النار بشكل مباشر على المدنيين، في مشهد وصفه الشهود بـ”جريمة مكتملة الأركان”.

إطلاق نار مباشر على مدنيين

أفاد شهود عيان أن طائرات بدون طيار إسرائيلية أطلقت وابلاً من الرصاص بشكل عشوائي على حشد من الناس، بينما كانت دبابات الاحتلال تطلق النار في محيط المركز. قال أحد الناجين ويدعى سامح حمودة:

“جئت أمس من غزة إلى رفح. مشيت أكثر من 20 كيلومتراً من شدة الجوع. وعندما اقتربنا من مركز المساعدات الأمريكي، بدأت الطائرات تطلق النار بشكل جنوني. سقط الناس واحداً تلو الآخر أمام عيني”.

مركز توزيع المساعدات يتحول إلى ساحة موت

يقع مركز توزيع المساعدات الذي استُهدف في منطقة معروفة غرب رفح، داخل ما يعرف بـ”المنطقة العازلة” التي أعلن عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة. وتديره منظمة مرتبطة بدعم أمريكي إسرائيلي، قوبلت بتحفظات من منظمات الإغاثة الدولية. ما يجعل هذه الحادثة أكثر إيلاماً، هو أن الضحايا لم يذهبوا إلى هناك إلا طلباً لرغيف خبز أو كيس طحين، لينتهي بهم المطاف في أكفان بيضاء.

السياق الإنساني الكارثي في غزة

تأتي مجزرة رفح في وقت يعيش فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه. فبعد أكثر من 240 يوماً من الحرب، يعاني أكثر من 2.3 مليون فلسطيني من الجوع ونقص حاد في الأدوية والماء الصالح للشرب. تقارير أممية تشير إلى أن أكثر من 80% من سكان القطاع مهددون بالمجاعة، وأن الخدمات الصحية في حالة انهيار تام.

الحصار والتجويع: سياسة ممنهجة

منذ اندلاع الحرب الأخيرة، تعتمد إسرائيل على سياسة الحصار والتجويع لإخضاع الفلسطينيين، ما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من وقوع “كارثة إنسانية واسعة النطاق”. وقد قامت سلطات الاحتلال بإغلاق المعابر ومنع دخول المواد الغذائية الأساسية، بينما تفرض شروطاً صارمة على إدخال المساعدات عبر الممرات الإنسانية.

ردود فعل فلسطينية غاضبة

المكتب الإعلامي الحكومي في غزة وصف المجزرة بأنها “جريمة حرب موثقة”، وقال في بيان رسمي:

“ما حدث قرب مركز توزيع المساعدات في رفح هو جريمة متعمدة تهدف إلى بث الرعب في صفوف المدنيين ودفعهم لمغادرة القطاع بالقوة. الاحتلال يستخدم المساعدات الإنسانية كطُعم للقتل الجماعي، في مشهد يُظهر مدى استخفافه بالقانون الدولي وحقوق الإنسان”.

كما دعت وزارة الصحة الفلسطينية المؤسسات الدولية إلى إرسال فرق تحقيق ميدانية لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها في المحاكم الدولية.

مطالبات بفتح تحقيق دولي

أثارت المجزرة مطالبات واسعة من منظمات حقوقية دولية، تدعو إلى فتح تحقيق أممي مستقل حول انتهاكات إسرائيل في غزة، خاصة استهدافها المتكرر لمراكز توزيع المساعدات والمرافق المدنية. منظمة العفو الدولية (أمنستي) وصفت القصف بأنه “انتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي”، فيما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى محاسبة القادة الإسرائيليين المسؤولين عن هذه المجازر.

المساعدات تتحول إلى “فخ قاتل”

ما يُفاقم مأساة غزة هو أن مراكز توزيع المساعدات باتت تشكل خطراً على حياة المدنيين، بعدما تحولت إلى “فخ قاتل”. فقد سبق أن قُتل أكثر من 100 شخص في حادثة مماثلة خلال فبراير الماضي، حين أطلقت قوات الاحتلال النار على آلاف المدنيين الذين احتشدوا قرب شاحنات المساعدات في شارع “النجمة” وسط مدينة غزة.

لماذا رفح؟

رفح التي كانت تُعد الملاذ الأخير للفلسطينيين النازحين من الشمال والوسط، تحولت اليوم إلى ساحة حرب مفتوحة . وقد قصفتها إسرائيل عدة مرات خلال الأسابيع الماضية، رغم صدور قرار من محكمة العدل الدولية يدعو لوقف العمليات العسكرية فيها، لحماية أكثر من مليون فلسطيني متواجدين بالمنطقة.

الإعلام الإسرائيلي يبرر.. والعالم يلتزم الصمت

كعادته، حاول الإعلام الإسرائيلي تبرير المجزرة بأنها “خطأ غير مقصود”، أو أن هناك “اشتباكاً مع عناصر مسلحة في المكان”، وهو ما نفته جميع الشهادات المحلية والتقارير الحقوقية التي أكدت خلو المكان من أي وجود عسكري. أما المجتمع الدولي، فحتى اللحظة، لم يصدر رد فعل قوي يدين الجريمة، باستثناء بيانات خجولة من بعض الأطراف الأوروبية.

كلمة أخيرة

إن ما جرى في مجزرة رفح ليس حادثاً معزولاً، بل جزء من سلسلة طويلة من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، وسط صمت دولي مطبق. ومع استمرار المجازر، وتدهور الوضع الإنساني، فإن السكوت لم يعد مقبولاً. المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب.

2 thoughts on “مجزرة رفح الجديدة: الاحتلال الإسرائيلي يقتل العشرات قرب مركز توزيع المساعدات في غزة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *