جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء في خان يونس جنوبي قطاع غزة
جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء في خان يونس جنوبي قطاع غزة

في تصعيد خطير يُنذر بتبعات إنسانية كارثية، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم الاثنين 2 يونيو 2025، أوامر إخلاء عاجلة لعدد من الأحياء في خان يونس جنوبي قطاع غزة، مطالبًا آلاف المدنيين بإخلاء منازلهم فورًا والانتقال إلى مناطق تُصنَّف بأنها “آمنة” مثل منطقة المواصي، رغم افتقارها لأدنى مقومات الحياة.

أوامر الإخلاء الجديدة في خان يونس.. أي مصير ينتظر المدنيين؟

تشمل أوامر الإخلاء في خان يونس البلوكات 47 و106 و108 و109، وهي مناطق سكنية مكتظة يقطنها آلاف الفلسطينيين الذين لا يزالون يعانون من تداعيات الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023. تأتي هذه الخطوة في وقت يفتقر فيه السكان إلى وسائل النقل، والوقود، والمياه النظيفة، ما يجعل تنفيذ أوامر الإخلاء ضربًا من المستحيل، ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية في غزة.

لماذا تُصدر إسرائيل أوامر الإخلاء الآن؟

بحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن هذه الأوامر العسكرية في غزة تأتي تمهيدًا لعمليات عسكرية وشيكة تستهدف من تصفهم بـ”البنى التحتية الإرهابية” التابعة لحركة حماس في جنوب القطاع. إلا أن مراقبين يرون أن هذه الخطوات تأتي في إطار سياسة منهجية لإفراغ المناطق السكنية من سكانها، وفرض مزيد من السيطرة الميدانية، خصوصًا بعد فشل العمليات العسكرية السابقة في شمال غزة بتحقيق “الردع الكامل”.

خان يونس تحت النار مجددًا

شهدت مدينة خان يونس خلال الأشهر الماضية عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة، أدت إلى دمار هائل في الأحياء السكنية والبنى التحتية. وتُعد هذه المدينة واحدة من أكثر المناطق تضررًا من الحرب، حيث كانت مسرحًا للمعارك العنيفة خلال شهري ديسمبر 2024 ويناير 2025.

عودة الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عمليات في خان يونس تُشير إلى تغير في تكتيك المعركة، بعد أن أعلن سابقًا عن “الانسحاب الجزئي” منها، ما يكشف عن ارتباك استراتيجي في تحديد الأهداف العسكرية، ويعزز المخاوف من نزوح جديد في جنوب قطاع غزة.

أزمة إنسانية تتفاقم: إلى أين يذهب السكان؟

بحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من 1.5 مليون فلسطيني نزحوا داخليًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ومع توالي أوامر الإخلاء في غزة، تتقلص الخيارات المتاحة أمام السكان الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والمياه والكهرباء، فضلًا عن تفشي الأمراض والظروف البيئية القاسية في مناطق النزوح مثل رفح والمواصي.

إن مطالبة المدنيين بالتوجه إلى منطقة المواصي لا يحمل أي ضمانات للسلامة، فقد استهدفت القوات الإسرائيلية مرارًا مناطق مصنفة بـ”الآمنة”، ما يثير تساؤلات حول جدية هذه الدعوات ومدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني.

ردود فعل دولية خجولة

رغم تصاعد الأوضاع، لم يصدر حتى الآن رد قوي من المجتمع الدولي يدين أوامر الإخلاء القسرية في غزة أو يطالب بوقف التصعيد. وقد أعربت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”أطباء بلا حدود” عن قلقها من تداعيات الخطوة الإسرائيلية الأخيرة، محذرة من تحول غزة إلى “مقبرة جماعية” بسبب الحصار، القصف، والتهجير القسري.

أين تقف الوساطات الدولية؟

تجري حاليًا محاولات مصرية-قطرية-أمريكية لإعادة إحياء جهود وقف إطلاق النار في غزة، لكن التطورات الميدانية الأخيرة في خان يونس تُضعف فرص نجاح هذه الوساطات. ويرى محللون أن إسرائيل تستخدم التصعيد العسكري كورقة ضغط لفرض شروطها على طاولة المفاوضات، في ظل تعثر صفقة التبادل المرتقبة بين الجانبين.

الإعلام والواقع: تغطية محدودة لكارثة إنسانية متجددة

تُعاني أزمة غزة الإعلامية من تهميش دولي، حيث تُغطى التطورات بشكل محدود في وسائل الإعلام الغربية، وسط محاولات مستمرة لحجب الحقائق والانتهاكات. إلا أن الصور القادمة من خان يونس تكشف حجم الدمار والبؤس الذي يعيشه المدنيون، مما يزيد من الحاجة لتغطية مهنية تُنقل فيها أصوات الضحايا بدلاً من الروايات العسكرية.

ما الذي ينتظر غزة بعد خان يونس؟

في ظل استمرار إصدار أوامر الإخلاء الإسرائيلية، ومع تزايد وتيرة القصف، يبدو أن القطاع مُقبل على فصل جديد من التهجير والنزوح. وتشير التقديرات إلى أن الهجوم المرتقب على خان يونس قد يمتد إلى مناطق مجاورة مثل دير البلح ومخيم النصيرات، مما سيؤدي إلى مزيد من الكوارث الإنسانية.

ختامًا: نداء عاجل لوقف التصعيد

مع تدهور الأوضاع الميدانية، تدعو منظمات إنسانية وحقوقية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتأمين ممرات آمنة للمدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. كما يجب على المجتمع الدولي التدخل لوقف سياسة العقاب الجماعي، وتفعيل آليات المساءلة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *