
في حادثة دبلوماسية مثيرة للجدل، أطلق جنود إسرائيليون طلقات تحذيرية باتجاه وفد يضم أكثر من 30 دبلوماسياً من دول متعددة خلال زيارة رسمية إلى مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة، يوم الثلاثاء 21 مايو 2025. الحادثة أثارت موجة غضب دولية ومطالبات بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين.
الوفد الدبلوماسي: مهمة إنسانية تتحول إلى خطر ميداني
كان الوفد، الذي يضم ممثلين من دول مثل فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، الصين، كندا، إيطاليا وتركيا، في زيارة رسمية إلى مخيم جنين للاجئين. نظمت السلطة الفلسطينية هذه الجولة لإطلاع الدبلوماسيين على حجم الدمار والكارثة الإنسانية التي خلفتها العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة في المدينة.
ووفقاً لشهادات بعض الحاضرين، وبينما كان الوفد يتنقل سيراً على الأقدام في أحد أحياء المخيم، أطلق الجنود الإسرائيليون عدة طلقات تحذيرية في الهواء، ما أثار الذعر بين أعضاء الوفد، وأدى إلى انسحابهم بسرعة من الموقع.
روايتان متضاربتان: السلطة الفلسطينية و الجيش الإسرائيلي
السلطة الفلسطينية وصفت ما حدث بأنه “عمل استفزازي متعمد”، وقالت إن الجنود الإسرائيليين كانوا على علم بوجود الوفد الدبلوماسي، مؤكدة أن التنسيق تم مسبقاً.
من جهة أخرى، قالت السلطات الإسرائيلية إن الوفد “دخل منطقة عسكرية محظورة دون تنسيق مسبق”، وإن إطلاق الار جاء كتحذير أمني لمنع التوغل غير المصرح به في منطقة عمليات.
ردود فعل دولية غاضبة
أثار الحادث ردود فعل دولية صارمة، خاصة من دول كان دبلوماسيون تابعون لها ضمن الوفد:
- فرنسا: استدعت السفير الإسرائيلي في باريس، ووصفت ما حدث بأنه “غير مقبول ويشكل تهديداً مباشراً لحياة ممثليها”.
- كندا: أعربت عن “قلق بالغ” وطالبت إسرائيل بتقديم تفسير واضح، مشيرة إلى أن دبلوماسييها كانوا في مهمة إنسانية بحتة.
- الاتحاد الأوروبي: دعا إلى “تحقيق شفاف وفوري”، محذراً من أن استهداف البعثات الدبلوماسية يمثل انتهاكاً خطيراً للأعراف الدولية.
- الصين وتركيا وألمانيا: أصدرت بيانات استنكار مشتركة أكدت على “وجوب احترام القانون الدولي وحماية البعثات الدبلوماسية”.
السياق السياسي: توتر متصاعد في الأراضي الفلسطينية
تأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد غير مسبوق في التوترات داخل الضفة الغربية، وخاصة في مدينة جنين، التي تعتبر أحد أبرز معاقل المقاومة الفلسطينية، وشهدت خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من الاقتحامات والغارات الإسرائيلية.
وتواجه إسرائيل منذ أسابيع ضغوطاً متزايدة من المجتمع الدولي بسبب تصاعد أعداد الضحايا المدنيين، وتدمير واسع للبنية التحتية في المخيمات الفلسطينية.
الأمم المتحدة تدين وتدعو لحماية الدبلوماسيين
الأمم المتحدة أعربت عن “قلق عميق” إزاء الواقعة، مؤكدة أن “سلامة الوفود الدبلوماسية يجب أن تكون أولوية قصوى، ولا يجب أن تُعرض حياتهم للخطر أثناء مهامهم الإنسانية أو التقييمية”.
وأضاف متحدث باسم المنظمة الأممية: “هذه الحادثة تؤكد الحاجة الملحة إلى وضع حدٍ للعنف في الأراضي المحتلة، وضمان التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي”.
هل تتحول جنين إلى مركز أزمة دبلوماسية؟
يرى محللون أن هذه الحادثة قد تشكل نقطة تحول خطيرة في العلاقة بين إسرائيل والمجتمع الدولي، إذ لم تعد القضية مقتصرة على صراع محلي، بل أصبحت تمس سلامة ممثلي الدول الأجنبية، ما قد يؤدي إلى تداعيات دبلوماسية أوسع نطاقاً.
ويخشى كثيرون من أن تؤثر مثل هذه الحوادث على استعداد الدول لتقديم الدعم الإنساني أو إرسال مراقبين إلى المناطق الفلسطينية، مما سيزيد من عزلة السكان ويُفاقم الأزمة.
خاتمة
حادثة إطلاق النار التحذيري على الوفد الدبلوماسي في جنين تعكس حالة الاحتقان الشديد وعدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية. وبينما تتوالى الإدانات الدولية، تبقى الأسئلة معلقة حول مدى التزام إسرائيل بالقوانين الدولية، وحول مستقبل العمل الدبلوماسي في المناطق الساخنة، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية وتصاعد التوترات.