![ضربة إسرائيلية بطائرة مسيّرة تقتل عنصرًا من حزب الله جنوب لبنان: تصعيد جديد على الحدود يهدد الاستقرار People gather as smoke billows near buildings following an Israeli strike in the southern Lebanese town of Toul, May 22, 2025 [Ali Hankir/Reuters]](https://jeninpost.com/wp-content/uploads/2025/05/image-128.webp)
في خطوة تشير إلى تصاعد التوترات الإقليمية، نفذ الجيش الإسرائيلي (IDF) ضربة جوية دقيقة بطائرة مسيّرة استهدفت أحد عناصر ميليشيا حزب الله في بلدة “رَبّ ثلاثين” جنوب لبنان يوم الخميس 22 مايو 2025، في وقت يشهد فيه جنوب لبنان حالة من التوتر الأمني المتصاعد منذ أشهر.
بحسب بيان رسمي صادر عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن الضربة جاءت نتيجة “معلومات استخباراتية دقيقة” واستهدفت “عنصرًا نشطًا في منظومة حزب الله كان يخطط لتنفيذ عمليات عدائية على الحدود الإسرائيلية”. بينما لم تُعلن السلطات اللبنانية أو حزب الله عن تفاصيل فورية بشأن الضربة أو الضحية، تحدثت وسائل إعلام محلية عن وقوع انفجار قوي في البلدة، تبعه تحليق مكثف للطائرات المسيّرة الإسرائيلية فوق المنطقة.
العملية: استهداف دقيق في توقيت حساس
بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، فإن الغارة التي نُفذت بطائرة بدون طيار هي جزء من سلسلة عمليات مستمرة تهدف إلى تقويض البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان، خاصة بعد رصد تحركات لمقاتلي الحزب بالقرب من الشريط الحدودي خلال الأيام الأخيرة. وقد أكدت المصادر أن العنصر المستهدف كان “متورطًا في تنسيق هجمات صاروخية ونقل أسلحة نوعية إلى مناطق استراتيجية في الجنوب”.
وتأتي هذه الضربة بعد أقل من أسبوع على عملية مماثلة في بلدة الخيام، حيث أعلنت إسرائيل عن مقتل قيادي آخر من الحزب وصفته بـ”المسؤول عن التنسيق اللوجستي للعمليات العسكرية في القطاع الشرقي للجنوب اللبناني”.
حزب الله: صمت رسمي وتوقع برد
حتى ساعة إعداد هذا التقرير، لم يصدر حزب الله بيانًا رسميًا حول العملية. إلا أن الصمت الذي يلفّ الموقف لا يُعدّ غير مألوف، حيث اعتاد الحزب التريث قبل الرد أو إصدار أي تعليقات، غالبًا في إطار ما يُعرف بـ”معادلة الردع” مع إسرائيل.
ويرى مراقبون أن حزب الله قد يرد على هذه الضربة في توقيت ومكان يختاره بنفسه، بما يضمن عدم الانزلاق إلى مواجهة شاملة مع إسرائيل، لكنه في الوقت ذاته يحافظ على صورته كقوة مقاومة في عيون أنصاره.
سياق إقليمي متوتر
تأتي هذه العملية في ظل تصعيد واسع النطاق في المنطقة، حيث تشهد الحدود الشمالية لإسرائيل منذ عدة أشهر تبادلًا متقطعًا للنيران مع حزب الله، خاصة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في أكتوبر 2023. ومنذ ذلك الحين، ازداد النشاط العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان، حيث شنت إسرائيل أكثر من 300 غارة جوية خلال عام 2024 فقط، وفقًا لتقارير مراقبين دوليين.
كما يُعتبر الهجوم الأخير حلقة في سلسلة متواصلة من المواجهات بين الطرفين، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار غير المعلن الذي تم التوصل إليه بوساطة فرنسية وأممية في نوفمبر 2024. إلا أن كلا الجانبين لم يلتزما به بشكل كامل، ما يجعل الهدوء في الجنوب هشًا وقابلًا للانهيار في أي لحظة.
ردود فعل إسرائيلية: “لا خطوط حمراء”
في بيان للناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، شدد على أن “إسرائيل لن تتهاون مع أي تهديد مصدره الجنوب اللبناني، وستواصل استهداف أي عنصر يشارك في التخطيط أو تنفيذ هجمات ضد مواطنيها”. وأضاف أن “الجيش يعمل وفق استراتيجية متكاملة لمنع تموضع حزب الله على طول الحدود”.
كما نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر أمنية أن إسرائيل قررت “رفع سقف الاستهدافات” واللجوء إلى “الضربات الاستباقية” في مواجهة ما تسميه “التهديد المستمر من إيران وأذرعها في المنطقة، خصوصًا حزب الله”.
لبنان الرسمي: إدانة وانتقادات
على الجانب اللبناني، أدان مصدر رسمي في وزارة الخارجية ما وصفه بـ”العدوان الإسرائيلي السافر على السيادة اللبنانية”، محذرًا من أن استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات أحادية داخل الأراضي اللبنانية “يهدد الأمن الإقليمي ويشكل خرقًا فاضحًا للقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن”.
كما دعا المسؤولون اللبنانيون الأمم المتحدة وقوة “اليونيفيل” العاملة في الجنوب إلى التدخل لمنع المزيد من التصعيد، مشيرين إلى أن “السكوت الدولي عن الخروقات الإسرائيلية المتكررة يعطيها الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد”.
الأمم المتحدة تدعو للتهدئة
في بيان مقتضب، دعت بعثة الأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) إلى “ضبط النفس من جميع الأطراف”، مؤكدة أنها “تتابع عن كثب التطورات الأمنية جنوب لبنان وتعمل على منع التصعيد”. كما أكدت البعثة أنها على تواصل مستمر مع الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من التنسيق وتفادي الانزلاق إلى مواجهات أوسع.
تحليلات: هل يقترب لبنان من حرب جديدة؟
يرى خبراء سياسيون وعسكريون أن تصاعد وتيرة العمليات الإسرائيلية في الجنوب، وردود حزب الله المحدودة حتى الآن، تشير إلى أن الطرفين يحاولان تفادي حرب مفتوحة، لكن احتمالية الانزلاق إلى مواجهة شاملة تبقى قائمة في حال حدوث خطأ في الحسابات.
ويُرجح أن تكون إسرائيل بصدد توجيه رسائل ردع إلى إيران من خلال ضرب أذرعها في المنطقة، بينما يحاول حزب الله الحفاظ على توازن دقيق بين الردع وعدم التصعيد، نظرًا للأوضاع الاقتصادية والسياسية الهشة التي يعيشها لبنان.
خلاصة
الضربة الإسرائيلية التي استهدفت عنصرًا من حزب الله في جنوب لبنان تمثل فصلًا جديدًا من التوترات المتصاعدة على الحدود الشمالية لإسرائيل، وتسلط الضوء على هشاشة الهدوء في المنطقة. وفي ظل غياب الحلول الدبلوماسية، يبدو أن سياسة “الضربات المحدودة” ستظل العنوان الأبرز للمواجهة بين إسرائيل وحزب الله، حتى إشعار آخر.