
في إعلان أثار موجة من ردود الفعل الدولية، كشفت إسرائيل يوم الأحد رسميًا عن انتشال جثمان الشهيد محمد السنوار، شقيق زعيم حركة حماس يحيى السنوار، من نفق يقع تحت المستشفى الأوروبي في خان يونس جنوب قطاع غزة. الإعلان جاء بعد تأكيدات استخباراتية وفحوصات DNA، في خطوة وصفتها تل أبيب بأنها ضربة رمزية وعسكرية قوية ضد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحماس.
🔎 من هو محمد السنوار؟
محمد السنوار يعتبر من أبرز القادة العسكريين في حماس، وقد لعب دورًا محوريًا في قيادة العمليات الميدانية، خاصة في محور الجنوب، خلال الحرب الدائرة منذ أكتوبر 2023. يعد شخصية غامضة نسبيًا إعلاميًا، لكن التقارير الإسرائيلية وصفته بـ”العقل المدبر” خلف العديد من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي.
وقد أكدت مصادر إسرائيلية أنه قتل في ضربة جوية مركزة بتاريخ 13 مايو 2025، لكن تأكيد مقتله لم يكن رسميًا حتى تم انتشال جثمانه قبل أيام، والإعلان عنه اليوم رسميًا.
🏥 تفاصيل العملية.. نفق تحت مستشفى
وفقًا لبيان جيش الاحتلال الإسرائيلي:
- تم تحديد مكان النفق باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة من جهاز الشاباك ووحدات الاستطلاع.
- النفق يقع مباشرة تحت غرفة الطوارئ في المستشفى الأوروبي، وهو ما وصفته إسرائيل بـ”الانتهاك الصارخ لاستخدام المنشآت الطبية لأغراض عسكرية”.
- تم تنفيذ عملية التوغل المحدود وسحب الجثة بواسطة وحدة النخبة “يهلوم”، المختصة بعمليات تحت الأرض.
وأكدت إسرائيل أن النفق يحتوي على مركز قيادة وتحكم، تم استخدامه من قبل قادة بارزين في حركة حماس، وأن جثة محمد السنوار تم التعرف عليها بعد إجراء تحليل الحمض النووي (DNA) بالتنسيق مع بيانات سابقة لشقيقه يحيى السنوار.
🎯 الرسائل السياسية من إعلان الجثة
يبدو أن إعلان انتشال جثمان محمد السنوار يحمل في طيّاته عدة رسائل استراتيجية:
- ضربة معنوية للمقاومة: خصوصًا مع تزامن الإعلان مع توترات متصاعدة في غزة ووقف إطلاق نار هش.
- إثبات التفوق الاستخباراتي: إذ تقول إسرائيل إنها استطاعت تعقب مكان السنوار تحت منشأة مدنية.
- تبرير القصف على المستشفيات: من خلال التأكيد على أن حماس تستخدم مستشفيات كـ”دروع بشرية”.
⚖️ تداعيات قانونية وإنسانية
رغم ما وصفته إسرائيل بأنه “إنجاز أمني”، فإن الإعلان قوبل بتحفظات وتحقيقات من جهات دولية:
- منظمة الصحة العالمية أعربت عن “قلق بالغ” من استخدام المنشآت الصحية كمواقع للعمليات العسكرية.
- منظمات حقوق الإنسان طالبت بلجنة تحقيق محايدة للنظر في مدى شرعية العمليات العسكرية التي تستهدف المنشآت الطبية.
- القانون الدولي الإنساني ينص بوضوح على حماية المنشآت الطبية، حتى في حالات وجود أنشطة غير مدنية، ما لم تكن هذه المنشآت تُستخدم بشكل مباشر في الأعمال العدائية.
📺 فيديو وصور.. المعركة الإعلامية
نشر الجيش الإسرائيلي فيديو يوثق عملية الانتشال، في خطوة واضحة لإضفاء طابع الشفافية وإقناع الرأي العام الدولي بأن العملية تمت بدقة ومهنية دون استهداف مباشر للمرضى أو الطواقم الطبية. الفيديو يُظهر عناصر من وحدة “يهلوم” وهم يسحبون أكياسًا سوداء من نفق ضيق تحت المستشفى.
ومع ذلك، وصف ناشطون فلسطينيون الفيديو بأنه محاولة “لتبرير الانتهاكات المستمرة” في غزة، معتبرين أن نشره يهدف إلى كسب المعركة الإعلامية وليس فقط العسكرية.
💬 ردود الفعل الفلسطينية والدولية
- حركة حماس لم تصدر بيانًا رسميًا حتى لحظة كتابة هذا المقال، لكن مصادر مقربة من الحركة أكدت أن محمد السنوار “شهيد منذ أسابيع”، وأن الإعلان الإسرائيلي “جزء من حرب نفسية”.
- السلطة الفلسطينية عبرت عن قلقها من “استمرار استخدام المنشآت الطبية في غزة كميدان حرب”.
- الأمم المتحدة طالبت إسرائيل بـ”تقديم أدلة واضحة على مزاعمها” بشأن استخدام المستشفى كنقطة قيادة عسكرية.
🧠 تحليل استراتيجي: لماذا محمد السنوار؟
يُعتقد أن استهداف محمد السنوار بالتحديد يعكس محاولة إسرائيلية لكسر العمود الفقري العسكري لحماس في جنوب القطاع. فباعتباره الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، فإن مقتله يوجه ضربة مزدوجة على المستويين الشخصي والتنظيمي.
وإذا صحّت مزاعم إسرائيل بشأن مكان مقتله، فإن ذلك يشير إلى وجود خلل أمني داخل حماس مكّن إسرائيل من الوصول إلى موقع حساس بهذه الدقة.
🔮 ماذا بعد الإعلان؟
- من المتوقع تصعيد رد المقاومة الفلسطينية، لا سيما إذا ثبت أن العملية تمت بالفعل داخل منشأة طبية نشطة.
- إسرائيل قد تستخدم الإعلان لتبرير هجمات جديدة على ما تقول إنها “بنية تحتية إرهابية” مموهة داخل مناطق مدنية.
- المجتمع الدولي قد يضغط باتجاه وقف إطلاق نار طويل الأمد أو على الأقل فتح تحقيق دولي مستقل في أحداث خان يونس.
إعلان إسرائيل عن انتشال جثمان محمد السنوار من نفق تحت مستشفى في غزة يحمل أبعادًا تتجاوز المشهد العسكري. فالعملية تكشف عن مدى تعقيد الحرب في غزة، حيث تتداخل السياسة بالميدان، والقانون بالمعركة، والإعلام بالتكتيك العسكري.
وفي خضم تبادل الاتهامات والبيانات، تبقى الحقيقة الكبرى: أن المدنيين في غزة، كالعادة، هم من يدفعون الثمن.