لوس أنجلوس تشتعل من جديد: احتجاجات غاضبة وحظر تجوال وسط تصاعد الغضب الشعبي!
لوس أنجلوس تشتعل من جديد: احتجاجات غاضبة وحظر تجوال وسط تصاعد الغضب الشعبي!

في مشهد يعيد إلى الأذهان الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها الولايات المتحدة في الأعوام الماضية، تعيش مدينة لوس أنجلوس الأمريكية على وقع احتجاجات غاضبة اندلعت بسبب ما وُصف بـ”التجاوزات الفيدرالية” في ملف الهجرة. ومع تفاقم الوضع، فرضت السلطات حظر تجوال في محاولة للسيطرة على الشارع الذي لم يهدأ منذ أيام.

الأحداث التي بدأت بشكل سلمي، تطورت إلى اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، ما أدى إلى اعتقال المئات وتدخل قوات الحرس الوطني. فما الذي يجري تحديدًا في لوس أنجلوس؟ ولماذا تعود شوارع أمريكا للاشتعال من جديد؟

جذور الاحتجاجات: قمع الهجرة يشعل النيران

انطلقت شرارة الاحتجاجات في لوس أنجلوس يوم 6 يونيو 2025، بعد تنفيذ سلطات الهجرة (ICE) سلسلة مداهمات في عدة أحياء بالمدينة، خاصة المناطق ذات الكثافة السكانية من المهاجرين، مثل Fashion District وEast LA. أسفرت هذه العمليات عن اعتقال أكثر من 100 شخص، مما أثار موجة غضب شعبية واسعة.

الكثير من النشطاء وصفوا هذه الحملات بأنها “حرب على المهاجرين”، واتهموا إدارة الرئيس ترامب بانتهاك حقوق الإنسان وخرق الأعراف القانونية المتعلقة بحماية اللاجئين والمقيمين غير النظاميين.

لوس أنجلوس تفرض حظر تجوال.. وماذا بعد؟

رداً على تصاعد التوترات، أعلنت عمدة لوس أنجلوس، كارن باس، فرض حظر تجوال شامل في وسط المدينة من الساعة 8 مساءً حتى 6 صباحًا، اعتبارًا من 10 يونيو. القرار جاء بعد تقارير عن أعمال تخريب ونهب لمحال تجارية، بالإضافة إلى إضرام النيران في سيارات شرطة ومقرات حكومية.

أوضحت البلدية أن الحظر يستهدف فقط المناطق التي تشهد أعمال عنف، لكنه لم يمنع الناس من التجمهر في مناطق أخرى. ومع ذلك، استخدمت الشرطة أساليب عنيفة لتفريق الحشود، ما أدى إلى تفاقم الأزمة وزيادة عدد المعتقلين.

الشرطة الأمريكية في مرمى الانتقادات

تعرضت الشرطة الأمريكية لانتقادات حادة بعد استخدام وسائل تفريق قوية شملت القنابل الصوتية، الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، مما تسبب في إصابة العشرات من المتظاهرين.

منظمات حقوق الإنسان أكدت أن طريقة التعامل مع المحتجين لم تراعِ الطابع السلمي لغالبية التجمهرات. وقد وصف ناشطون محليون أن ما يحدث “نسخة مكررة من قمع احتجاجات جورج فلويد في 2020، ولكن بحلّة جديدة وبذريعة مختلفة”.

تدخل الحرس الوطني.. خطوة لتأمين أم تصعيد؟

في تطور خطير، أمرت الإدارة الفيدرالية بإرسال 4000 من عناصر الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس، بالإضافة إلى 700 من عناصر المارينز لحماية المنشآت الفيدرالية. الخطوة فُسرت على نطاق واسع بأنها تصعيد غير مبرر، وأنها قد تؤدي إلى تأجيج الموقف بدلًا من تهدئته.

حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، استنكر القرار بشدة، ورفع دعوى قضائية ضد الإدارة الفيدرالية بحجة انتهاك الدستور الأمريكي وخرق صلاحيات الحكومة المحلية. ووصف نشر القوات الفيدرالية بأنه “تعدٍ صارخ على الديمقراطية المحلية”.

احتجاجات تتوسع إلى مدن أمريكية أخرى

ما بدأ في لوس أنجلوس لم يتوقف عند حدود المدينة. خلال يومين فقط، انتقلت الاحتجاجات إلى سان فرانسيسكو، أوكلاند، شيكاغو، نيويورك، وأوستن. ورغم أن حدة الاشتباكات لم تكن بنفس مستوى لوس أنجلوس، فإن المخاوف تتزايد من تحول الأمر إلى موجة احتجاجات وطنية واسعة.

اللافت أن المحتجين يرفعون شعارات مثل:

  • “الهجرة حق إنساني”
  • “أوقفوا قمع العائلات”
  • “لا للعسكرة في المدن”

وهو ما يشير إلى أن القضية لم تعد محصورة في قرارات إدارية، بل أصبحت تعكس أزمة عميقة في الهوية الأمريكية والتعامل مع الآخر.

الإعلام الأمريكي بين تغطية مشروطة وصمت مشبوه

لاحظ مراقبون أن بعض القنوات الإخبارية الأمريكية الكبرى تتعامل مع الاحتجاجات بتحفظ شديد، مما أثار تساؤلات حول استقلالية الإعلام في تغطية قضايا ذات طابع سياسي. في المقابل، نشطت وسائل الإعلام البديلة، مثل منصات يوتيوب وتيك توك وتويتر، في بث مقاطع حية من الميدان تظهر الانتهاكات بوضوح.

هذا التحول الإعلامي جعل الكثير من الأمريكيين يفضلون متابعة الأخبار من خلال الشبكات الاجتماعية بدلاً من القنوات الرسمية، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد.

تداعيات سياسية مرتقبة

مع اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية في نوفمبر، باتت الأزمة الحالية محط تركيز سياسي. الحزب الديمقراطي اتخذ من الموضوع فرصة للهجوم على سياسات الرئيس ترامب، بينما حاول الجمهوريون تبرير ما يحدث كضرورة لـ”حماية الأمن القومي”.

وفي ظل تنامي الأصوات المطالبة بإقالة مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي وICE، قد نجد أنفسنا أمام أزمة سياسية لا تقل حدة عن الأزمة الاجتماعية نفسها.

هل تتجه أمريكا إلى انفجار داخلي؟

ما يحدث في لوس أنجلوس اليوم ليس مجرد احتجاج عابر، بل يمثل صرخة جماعية ضد ما يراه كثيرون “استبدادًا في قناع قانوني”. الاحتجاجات، حظر التجوال، تزايد الاعتقالات، والعنف الشرطي كلها مؤشرات على أزمة عميقة تضرب صلب المجتمع الأمريكي.

هل تنجح الحكومة الفيدرالية في احتواء الوضع؟ أم أننا على أبواب موجة احتجاجات شعبية أكبر قد تعيد تشكيل وجه السياسة الأمريكية بالكامل؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *