
في تطور سياسي بارز قد يعيد رسم معالم الصراع في غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على “خطة ويتكوف“، وهي مبادرة أمريكية لوقف مؤقت لإطلاق النار تمتد لـ60 يومًا، وتهدف إلى كسر دوامة التصعيد العسكري وفتح الطريق أمام حلول أكثر استدامة في القطاع. تأتي هذه الموافقة بعد ضغوط دولية مكثفة ومفاوضات سرية قادتها الولايات المتحدة بالتعاون مع مصر وقطر.
ما هي خطة ويتكوف؟
خطة ويتكوف، التي صاغها المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، تقوم على مجموعة من البنود الأساسية التي تشمل:
- وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا يبدأ فور توقيع الاتفاق.
- تبادل أسرى يشمل الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين على قيد الحياة، و18 جثة لجنود إسرائيليين مقابل عدد لم يُعلن عنه من الأسرى الفلسطينيين.
- إدخال مساعدات إنسانية بشكل موسع إلى قطاع غزة، تحت إشراف الأمم المتحدة.
- انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من مناطق في القطاع تمت السيطرة عليها بعد مارس 2024.
- ضمانات دولية من مصر وقطر والولايات المتحدة لضمان التزام الطرفين ببنود الاتفاق.
لماذا وافق نتنياهو على الخطة؟
رغم أن الحكومة الإسرائيلية كانت متحفظة في البداية، يبدو أن الواقع السياسي والعسكري أجبر نتنياهو على مراجعة موقفه:
- ضغوط داخلية: انتقادات متزايدة من عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين طالبوا الحكومة بالتحرك لاستعادتهم.
- الوضع الإنساني في غزة: الصور المروعة للدمار والمعاناة الإنسانية أثارت استياءً دوليًا كبيرًا.
- الضغوط الأمريكية: إدارة بايدن كثّفت من تحركاتها الدبلوماسية وأشارت إلى احتمال إعادة تقييم الدعم العسكري في حال استمرار التصعيد.
موقف حماس من الخطة
في المقابل، أعلنت حركة حماس أنها تدرس المقترح، مرحبةً بأي جهد دولي يؤدي إلى وقف إطلاق النار، لكنها وضعت عدة شروط أساسية:
- ضمانات حقيقية لوقف شامل للعدوان.
- انسحاب القوات الإسرائيلية من كامل القطاع.
- رفع الحصار بشكل كامل.
- عودة النازحين إلى منازلهم.
ردود الفعل الدولية
- الولايات المتحدة: اعتبرت الخطة خطوة إيجابية نحو التهدئة، وأكدت دعمها الكامل لتنفيذ بنودها.
- مصر وقطر: رحبتا بالموافقة الإسرائيلية وأكدتا استعدادهما لمواصلة الوساطة.
- الأمم المتحدة: أشادت بالمبادرة ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام بها من أجل إنهاء معاناة المدنيين.
- الاتحاد الأوروبي: عبّر عن أمله في أن تشكل الخطة بداية لمسار سياسي شامل لحل الصراع.
التحديات التي تواجه تنفيذ الخطة
رغم التفاؤل الحذر، إلا أن الطريق أمام تنفيذ خطة ويتكوف لا يزال محفوفًا بالتحديات:
- معارضة اليمين الإسرائيلي: وزراء متشددون في حكومة نتنياهو اعتبروا أن الخطة “استسلام لحماس”.
- انعدام الثقة: كل من الطرفين يشكك في نوايا الآخر.
- الوضع الميداني: استمرار العمليات العسكرية في بعض الجبهات قد يعرقل التنفيذ.
- الخلافات الفلسطينية الداخلية: الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية قد يؤثر على وحدة الموقف الفلسطيني.
هل تمهّد الخطة لإنهاء الحرب؟
إذا نُفذت خطة ويتكوف بنجاح، فقد تشكّل نقطة انطلاق نحو تسوية سياسية أوسع. فهي لا تقتصر على هدنة مؤقتة، بل تفتح المجال أمام ترتيبات طويلة الأمد تتضمن التفاوض على تبادل أسرى شامل، وإعادة إعمار غزة، وربما العودة إلى مفاوضات الحل النهائي.
ومع وجود ضمانات دولية قوية ومتابعة دقيقة من الأمم المتحدة، يمكن أن تتحول هذه الخطة من مبادرة مؤقتة إلى بداية حقيقية للسلام.
خاتمة
موافقة نتنياهو على خطة ويتكوف تعكس تحولًا مهمًا في مسار الحرب على غزة، وتؤكد أن الحلول السياسية لا تزال ممكنة رغم عمق الصراع. ويبقى التنفيذ هو التحدي الأكبر، فإما أن تكون الخطة فرصة لإنهاء العنف، أو مجرّد هدنة مؤقتة في انتظار جولة جديدة من الدماء.
ومع ترقّب العالم لما ستؤول إليه الأيام القادمة، تبقى أعين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومعهم المجتمع الدولي، مشدودة إلى تفاصيل التنفيذ ومدى التزام الأطراف المختلفة ببنود الاتفاق.
[…] قوات الاحتلال الإسرائيلي عن إصدار أوامر إخلاء جديدة لسكان عدد من الأحياء […]