
في تطور مفاجئ للأزمة المستمرة في غزة، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس قد يتم “اليوم أو غداً”، مؤكدًا أن المفاوضات وصلت إلى مراحلها النهائية وأن العالم على وشك رؤية اتفاق شامل ينهي أشهرًا من القتال والدمار في قطاع غزة. هذا الإعلان يضع جميع الأطراف أمام لحظة حاسمة قد تغيّر مجريات المشهد السياسي والأمني في الشرق الأوسط.
اتفاق غزة: هل اقتربت نهاية الحرب؟
بحسب ترامب، فإن الاتفاق المقترح يتضمن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا، ويشمل ترتيبات إنسانية واسعة النطاق، إضافة إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس. يأتي هذا الإعلان بعد وساطة مكثفة قادتها الولايات المتحدة، بدعم من كل من مصر وقطر.
تفاصيل الاتفاق: بنود مفصلية تثير الجدل
وفقًا لمصادر مطلعة، يتضمن الاتفاق المرتقب البنود التالية:
- هدنة إنسانية لمدة 60 يومًا تسمح بدخول المساعدات وتوزيعها في غزة.
- إطلاق سراح 28 رهينة إسرائيلية (بينهم 10 أحياء و18 جثامين) مقابل 1,236 أسيرًا فلسطينيًا ورفات 180 شهيدًا.
- إدخال مساعدات إنسانية عاجلة تشمل الغذاء والدواء والوقود.
- ترتيبات لعودة جزئية للنازحين داخل القطاع، خاصة من شمال غزة.
- بدء محادثات غير مباشرة لتثبيت وقف إطلاق نار دائم بعد انتهاء فترة الهدنة.
هذه البنود تحمل أبعادًا إنسانية وسياسية وأمنية، وقد تؤدي إلى تغيير جذري في خارطة العلاقات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، كما قد تعيد واشنطن إلى موقع القيادة في الملف الفلسطيني-الإسرائيلي.
موقف الأطراف: قبول مشروط وتحفظات حذرة
أعلنت إسرائيل عن موافقتها المبدئية على بنود الاتفاق، معتبرة أن الصفقة تلبي أغلب مطالبها، خاصة فيما يتعلق بعودة الرهائن وإنهاء القتال في الجنوب.
أما حركة حماس، فقد أبدت تحفظًا على بعض البنود، خصوصًا تلك المتعلقة بعدم تضمين انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وعدم وجود ضمانات دولية بشأن وقف دائم لإطلاق النار.
وقد صرّح مصدر في الحركة بأن “الاتفاق لا يزال قيد الدراسة، وهناك نقاط أساسية تحتاج إلى تعديل قبل التوقيع النهائي”، في إشارة إلى عمق التعقيدات المرتبطة بملف الأسرى والدمار الواسع في القطاع.
ترامب في قلب المشهد: محاولة لاستعادة الدور الأمريكي
يُنظر إلى هذا التحرك الأمريكي بقيادة ترامب على أنه محاولة لإعادة واشنطن إلى مركز القرار في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة بعد تراجع دور الولايات المتحدة خلال الشهور الماضية لصالح مصر وقطر وحتى بعض المبادرات الأوروبية.
ترامب شدد خلال تصريحه على أن “الولايات المتحدة عملت بجهد كبير لإنجاح هذا الاتفاق”، مضيفًا: “نحن أقرب من أي وقت مضى إلى إنهاء الحرب في غزة، وسنعلن التفاصيل اليوم أو غدًا”.
هذا الإعلان يضع ترامب مجددًا في دائرة الضوء، ويمنحه دفعة سياسية مهمة على الساحة الدولية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية القادمة.
الضغط الإسرائيلي: إما اتفاق أو “تدمير حماس”
بالتزامن مع تصريحات ترامب، صعّد المسؤولون الإسرائيليون من لهجتهم تجاه حركة حماس، حيث هددت الحكومة الإسرائيلية بشكل مباشر بأن “الرفض المتواصل للاتفاق سيؤدي إلى تدمير حماس بالكامل”، في رسالة واضحة تهدف إلى دفع الحركة للقبول بالاتفاق قبل انتهاء المهلة الزمنية.
الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أشار إلى أن القوات تستعد لـ”توسيع العمليات العسكرية” في حال فشل المفاوضات، بينما تواصل الطائرات الحربية قصف مواقع في رفح وخان يونس.
ردود الفعل الدولية: ترحيب مشروط وانتظار الإعلان الرسمي
لقيت تصريحات ترامب بشأن اتفاق غزة ترحيبًا حذرًا من عدد من العواصم العربية والغربية. فقد عبّرت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن دعمهما لأي اتفاق ينهي المعاناة الإنسانية في غزة، داعين إلى تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم.
أما مصر وقطر، فتلعبان دورًا مركزيًا في الوساطة، وتُجرِي وفودها لقاءات مكثفة في القاهرة والدوحة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف.
سكان غزة: أمل مشوب بالقلق
في غزة، استقبل الناس إعلان ترامب بمزيج من الأمل والحذر، حيث يأمل الغزيون في وقف إطلاق النار وإعادة فتح المعابر والسماح بدخول المساعدات، لكنهم يعبرون عن خشيتهم من أن يكون الاتفاق مجرد “هدنة مؤقتة” سرعان ما تنهار كسابقاتها.
تقول أم محمد، وهي نازحة من شمال غزة: “نريد السلام، نريد أن نعيش. تعبنا من الحرب. لكننا لا نثق بالوعود السياسية”.
خلاصة: اتفاق غزة على المحك وترامب في سباق مع الزمن
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تغيّر المشهد السياسي والأمني في الشرق الأوسط. ومع دخول الاتفاق مرحلة الحسم، تبقى الأسئلة قائمة:
- هل ستوافق حماس على الصفقة بالشكل الحالي؟
- هل ستصمد الهدنة المؤقتة وتتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار؟
- وهل تنجح واشنطن في تثبيت نفوذها مجددًا عبر هذه الوساطة؟
الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة، والأنظار متجهة إلى غزة، حيث يُرسم مستقبل جديد إما بالاتفاق… أو بالمواجهة.