
في تحول لافت في الموقف الأميركي من الحرب المستمرة في غزة، أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن رغبته في إنهاء النزاع “بأسرع وقت ممكن”، محذرًا من العواقب الإنسانية والسياسية المترتبة على استمرار القتال. يأتي هذا التصريح في وقت تشتد فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، بينما تتصاعد الضغوط الدولية لإيقاف الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين.
هذه الخطوة المفاجئة من ترامب تحمل دلالات استراتيجية عميقة، خاصة وأنه كان دومًا من الداعمين الأقوياء لإسرائيل خلال فترته الرئاسية. فهل نحن أمام تحول في المعادلة السياسية؟ وما مدى تأثير هذه التصريحات على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه انتقادات محلية ودولية متزايدة؟ في هذا المقال، نحلل أبعاد الموقف الأميركي الجديد، وتداعياته المحتملة على الحرب في غزة.
ترامب: آن الأوان لإنهاء الحرب في غزة
خلال مقابلة نُشرت مؤخرًا، قال دونالد ترامب بوضوح: “أريد أن تنتهي هذه الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن”. وأكد أن الصور القادمة من القطاع، وخاصة صور الأطفال المتضررين من القصف، تؤثر فيه شخصيًا وتزيد من قناعته بضرورة وقف التصعيد.
ورغم أن ترامب لم يوجه انتقادًا علنيًا مباشرًا إلى نتنياهو، إلا أن مصادر قريبة من البيت الأبيض السابق أكدت أن الرئيس السابق طلب من مستشاريه ممارسة ضغط دبلوماسي على رئيس الوزراء الإسرائيلي لوقف العمليات العسكرية، أو على الأقل تقليل حدتها في المرحلة المقبلة.
ضغوط داخلية ودولية تتزايد على نتنياهو
يأتي هذا التطور بينما تواجه حكومة نتنياهو أزمة سياسية متصاعدة، نتيجة لاستمرار الحرب التي أودت بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين ودفعت بمئات الآلاف إلى النزوح. كما أن التوترات مع حلفاء إسرائيل التقليديين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، بدأت تتصاعد وسط دعوات لوقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات الإنسانية.
وفي هذا السياق، قد تمثل تصريحات ترامب انعكاسًا حقيقيًا للمزاج الدولي المتغير، خاصة أن العديد من العواصم الغربية بدأت تشعر بالحرج من استمرار دعمها غير المشروط لإسرائيل في ظل الكارثة الإنسانية في غزة.
لماذا غير ترامب موقفه من حرب غزة؟
يرى محللون سياسيون أن دونالد ترامب لا يُعرف عنه اتخاذ مواقف إنسانية في العادة، بل يعتمد في قراراته السياسية على ما يخدم مصالحه الاستراتيجية أو الانتخابية. ومن هنا، قد يكون الدافع الحقيقي وراء هذا التحول هو رغبته في الظهور بمظهر القائد المتوازن القادر على تحقيق السلام، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة.
كما أن ترامب يدرك جيدًا أن استمرار الحرب دون نتائج واضحة قد يؤثر على صورة الولايات المتحدة دوليًا، ويزيد من التوترات في الشرق الأوسط، وهو ما لا يخدم أجندته السياسية التي تقوم على استقرار الأسواق والأمن الإقليمي.
إسرائيل تواصل عملياتها رغم الضغوط
ورغم المطالبات الأميركية والدولية، أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرًا أنه بصدد تنفيذ خطة لإعادة احتلال واسعة لأجزاء كبيرة من قطاع غزة، تشمل 75% من أراضيه خلال شهرين. وتهدف هذه الخطة، وفقًا للجيش، إلى “تدمير البنية التحتية لحماس”، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الميداني والإنساني.
ومن شأن هذا الإصرار الإسرائيلي أن يضع إدارة نتنياهو في مواجهة مباشرة مع الرأي العام الدولي، وقد يؤدي إلى توترات غير مسبوقة مع الحليف الأميركي إذا ما استمرت العمليات العسكرية بهذا الشكل المكثف.
انهيار الثقة في آلية المساعدات الإنسانية
في مشهد آخر يعكس عمق الأزمة، استقال “جيك وود”، المدير التنفيذي لمنظمة مساعدات إنسانية كانت تعمل في غزة، احتجاجًا على ما وصفه بـ”الهيمنة الإسرائيلية على توزيع المساعدات”، مما يهدد حيادية العمل الإنساني في القطاع.
هذه الاستقالة أثارت موجة من التساؤلات حول مصداقية وفعالية آلية إيصال المساعدات، خاصة أن مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين يعانون من انعدام الغذاء والدواء والمأوى في ظل القصف المستمر.
ماذا بعد: هل يتوقف النزيف؟
إن الموقف الجديد لدونالد ترامب، رغم أنه لا يحمل حتى الآن إجراءات عملية واضحة، إلا أنه يمثل بداية ضغط سياسي حقيقي قد يدفع حكومة نتنياهو إلى مراجعة حساباتها، خاصة إذا ما انضمت إليه أصوات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وفي حال استمرار الضغط الأميركي، فقد نشهد خلال الأسابيع القادمة تحركًا دبلوماسيًا أكبر باتجاه وقف إطلاق النار، خاصة إذا ما ارتفعت التكلفة السياسية والعسكرية للحرب بالنسبة لإسرائيل.
الخاتمة
تدخلات دونالد ترامب الأخيرة في ملف غزة قد تكون مفصلية في تغيير مسار الحرب، لا سيما إذا اقترنت بضغوط دولية متزايدة ورفض شعبي متصاعد لاستمرار القتال. ورغم أن نتنياهو لا يزال يراهن على الحسم العسكري، فإن تحولات الموقف الأميركي تُشير إلى أن الساحة السياسية لم تعد كما كانت، وأن زمن “الدعم المطلق” قد يشارف على نهايته.
ويبقى السؤال المطروح: هل تكون هذه بداية نهاية الحرب في غزة؟ أم أن الطريق لا يزال طويلًا قبل الوصول إلى تسوية حقيقية تُنهي معاناة الملايين؟
[…] الروسية الأمريكية، وصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”المجنون تمامًا”، […]
[…] مشهد يتكرر يومًا بعد آخر، تجددت مأساة أهالي قطاع غزة، وهذه المرة في مدينة رفح الفلسطينية، حيث فتحت قوات […]