أمريكا تبلغ إسرائيل باستخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار بوقف إطلاق النار فى غزة
أمريكا تبلغ إسرائيل باستخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار بوقف إطلاق النار فى غزة

في تطور يثير الغضب والدهشة، أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية حليفتها إسرائيل نيتها استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة. وبينما يعاني المدنيون تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل، تأتي هذه الخطوة الأمريكية كرسالة واضحة بأن الأولوية ليست لحقوق الإنسان، بل للمصالح السياسية والاستراتيجية.

ما هو مشروع القرار الذي تعارضه أمريكا؟

مشروع القرار الذي تعتزم واشنطن إسقاطه بالفيتو، قدمته مجموعة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ويطالب بـ:

  • وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة.
  • السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
  • حماية المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال.
  • احترام القانون الدولي الإنساني.

يأتي هذا المشروع وسط كارثة إنسانية متفاقمة في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء 54,000، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وسط تدمير شامل للبنية التحتية.

الفيتو الأمريكي: موقف ثابت أم ازدواجية معايير؟

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، استخدمت أمريكا الفيتو أكثر من مرة ضد قرارات مشابهة، مما يكرّس صورة الدولة الراعية للاحتلال في نظر الشعوب العربية. ووفقًا لمصادر دبلوماسية، أبلغت واشنطن الحكومة الإسرائيلية أن مشروع وقف إطلاق النار لا يخدم مصالحها الأمنية، وأن الولايات المتحدة ترى فيه تهديدًا لجهود الوساطة القائمة.

هذا الموقف الأمريكي أثار موجة واسعة من الانتقادات، حيث اتهمت منظمات حقوقية الولايات المتحدة بأنها تستخدم الفيتو كأداة لإطالة أمد الحرب، وحرمان المدنيين في غزة من فرصة النجاة.

إسرائيل ترحب… والمجتمع الدولي يستنكر

من الطبيعي أن يلقى الموقف الأمريكي ترحيبًا من إسرائيل، التي اعتبرت الفيتو “غطاء دبلوماسيًا” لمواصلة عملياتها العسكرية. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إن الفيتو الأمريكي يؤكد عمق العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، ويمنح إسرائيل حرية التصرف عسكريًا دون الخضوع لضغوط دولية.

على الجهة الأخرى، أعربت العديد من الدول الأوروبية والعربية عن رفضها للفيتو الأمريكي، مشددة على أن استمرار الحرب في غزة يمثل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين. وصرّح مندوب فرنسا في مجلس الأمن أن “حق النقض لا يجب أن يُستخدم لحماية الحروب، بل لحماية الأرواح”.

كارثة إنسانية… وواشنطن تغلق الأبواب

بينما تغلق أمريكا أبواب الأمل عبر استخدام الفيتو، يعيش أهالي غزة في ظروف مأساوية:

  • أكثر من 70% من المباني السكنية دُمرت كليًا أو جزئيًا.
  • المستشفيات تعمل بطاقة أقل من 20% بسبب نقص الوقود والأدوية.
  • أكثر من 1.5 مليون نازح داخليًا يفتقدون أدنى مقومات الحياة.

الأمم المتحدة حذرت من انهيار كلي للوضع الإنساني في غزة، مؤكدة أن “كل دقيقة تمر دون وقف إطلاق النار، تعني المزيد من القتلى والدمار”. ومع ذلك، تصر الولايات المتحدة على موقفها، في مشهد يعكس عمق الانفصال بين الشعارات الإنسانية والسياسات الواقعية.

تحليل سياسي: لماذا تعارض أمريكا وقف إطلاق النار؟

يرى خبراء في العلاقات الدولية أن الرفض الأمريكي لمشروع وقف إطلاق النار يرتبط بعدة عوامل، من أبرزها:

  1. الضغوط الداخلية: الإدارة الأمريكية تخضع لضغط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل داخل الكونغرس.
  2. حسابات الانتخابات: أي موقف محايد تجاه إسرائيل قد يكلّف الحزب الحاكم خسائر انتخابية.
  3. التحالف الاستراتيجي: إسرائيل تُعدّ حليفًا أساسيًا لأمريكا في الشرق الأوسط، والدعم غير المشروط يمثل جزءًا من استراتيجية الردع في المنطقة.

لكن هذا الدعم لا يأتي بلا تكلفة، فصورتها الدولية باتت مهزوزة، خاصة أمام الرأي العام الأوروبي والعالمي الذي أصبح أكثر تعاطفًا مع القضية الفلسطينية.

صوت الشعوب… مقابل صمت الحكومات

رغم الفيتو، لم يكن الصوت العالمي صامتًا. فقد خرجت مظاهرات حاشدة في لندن وباريس ونيويورك، تطالب بوقف المجازر في غزة وتندد بالموقف الأمريكي. كما أطلق نشطاء حول العالم حملات لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل، معتبرين أن الشعوب تملك أدوات ضغط تتجاوز قرارات الساسة.

خاتمة: غزة تنزف… والفيتو يبارك الدم

بينما تمارس إسرائيل حربها المفتوحة على غزة، تلوّح أمريكا بورقة الفيتو كلما حاول العالم وقف النزيف. وهكذا، يتحول مجلس الأمن إلى منصة لشرعنة القتل بدلًا من منعه، ويغدو الفيتو الأمريكي شريكًا صامتًا في كل شهيد يسقط.

لكن غزة، كما اعتادت، لا تنكسر. فكل فيتو سياسي يقابله ألف صوت حر، وكل قصف يقابله صمود. فهل يدرك العالم أن الصمت جريمة؟ وهل يُعاد النظر في نظام عالمي يُسكت الضحية ويبرر للجاني؟ أم أن الفيتو سيبقى سيفًا بيد الأقوياء، يقمع به حلم الضعفاء في حياة آمنة وكريمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *