واشنطن تخفف العقوبات على سوريا بعد الإطاحة بالأسد: خطوة نحو مرحلة انتقالية جديدة
واشنطن تخفف العقوبات على سوريا بعد الإطاحة بالأسد: خطوة نحو مرحلة انتقالية جديدة

في تحول سياسي لافت، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إجراءات لتخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وذلك بعد الإطاحة ببشار الأسد وانطلاق مرحلة انتقالية جديدة في البلاد. ويُعد هذا الإعلان الأول من نوعه منذ أكثر من عقد من الزمن، إذ يشير إلى تغيير كبير في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، ويعيد رسم ملامح التعامل الدولي مع الأزمة السورية الممتدة.

بداية نهاية العقوبات: إعفاءات موسعة لمدة ستة أشهر

وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس”، فإن الحكومة الأمريكية منحت إعفاءات مؤقتة لمدة ستة أشهر من قانون “قيصر لحماية المدنيين السوريين”، وهو القانون الذي كان يُعد أحد أقسى أدوات الضغط التي فرضتها واشنطن على النظام السوري منذ اندلاع الثورة في عام 2011.

تسمح هذه الإعفاءات بتقديم دعم مباشر للبنية التحتية المدنية، وتشمل مشاريع الكهرباء، المياه، الصرف الصحي، والخدمات الطبية، وهو ما يُنظر إليه كمبادرة أمريكية لإعادة بناء الثقة مع الشعب السوري في ظل حكومة انتقالية جديدة بقيادة أحمد الشرع، أحد رموز المعارضة الذين لعبوا دورًا محوريًا في إنهاء حقبة الأسد.

أحمد الشرع: قائد المرحلة الانتقالية

يُعتبر أحمد الشرع شخصية بارزة في التحالف الذي أطاح ببشار الأسد بعد صراع دام أكثر من 13 عامًا. وقد حظي بدعم واسع النطاق من قوى المعارضة السياسية والمجتمع الدولي، ويُنظر إليه كوجه معتدل يمكنه قيادة سوريا نحو مستقبل ديمقراطي بعيدًا عن الاستبداد والإرهاب.

ورغم حالة التفاؤل، إلا أن الإدارة الأمريكية لا تزال تتعامل بحذر. فقد صرّح وزير الخارجية ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستواصل مراقبة الأوضاع عن كثب، ولن تُرفع العقوبات بالكامل إلا بعد التأكد من التزام الحكومة الانتقالية بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإبعاد أي شخصيات متورطة سابقًا في دعم الإرهاب أو انتهاكات الحرب.

دعم إنساني مشروط: واشنطن توازن بين المساعدات والمصالح

الخطوة الأمريكية لا تعني فتح الباب على مصراعيه، بل تأتي ضمن إطار “الدعم المشروط”، وهو ما أكده البيت الأبيض في بيانه، حيث أشار إلى أن المساعدات ستكون مرتبطة بتحقيق عدة شروط، منها:

  • تفكيك بقايا الجماعات الإرهابية داخل الأراضي السورية.
  • إدارة معتقلي تنظيم داعش بطرق قانونية وإنسانية.
  • دمج القوات الكردية في الجيش الوطني الانتقالي.
  • البدء بخطوات نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
  • التعاون الكامل مع لجان التحقيق الدولية بشأن جرائم الحرب.

هذه الشروط تهدف إلى ضمان استقرار حقيقي في سوريا، ومنع تكرار سيناريوهات الفوضى أو عودة الميليشيات المتطرفة إلى الساحة.

المجتمع الدولي يراقب

تتابع دول الاتحاد الأوروبي ودول الجوار السوري هذه التحركات الأمريكية بكثير من الاهتمام. فالإعلان عن تخفيف العقوبات يُمكن أن يشكل نقطة انطلاق لجهود إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. إلا أن بعض الدول لا تزال متحفظة، وتطالب بإشراف أممي شامل على المرحلة الانتقالية لضمان عدم انتكاس العملية السياسية.

هل ستُفتح أبواب دمشق أمام الغرب مجددًا؟

تبقى الأسئلة الكبرى مطروحة: هل تعني هذه الإعفاءات بداية لانفتاح دبلوماسي شامل على سوريا؟ وهل سيعود الدور العربي والدولي إلى دمشق في ظل حكومة انتقالية جديدة؟ وهل سيتمكن الشعب السوري أخيرًا من استعادة وطنه بعد سنوات طويلة من الحرب والدمار؟

الإجابات ليست واضحة بعد، لكن ما هو مؤكد أن المشهد السياسي السوري دخل مرحلة جديدة كليًا، وأن الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد ملامح مستقبل سوريا، في ظل أنظار العالم الذي يترقب بحذر وحذر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *